سلسلة مقالات حول التاريخ الجزائري المجيد :
المقال العاشر: الجزائر اليوم – تحديات الحاضر وآفاق المستقبل (2019–الآن)
🇩🇿 مقدمة: ما بعد الحراك… سؤال المستقبل
بعد أن أدهش الشعب الجزائري العالم بحراكه السلمي سنة 2019، دخلت الجزائر مرحلة جديدة، حافلة بالتغيّرات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
لكن سرعان ما تبيّن أن إسقاط "رأس النظام" لا يكفي لبناء جزائر جديدة، فالمؤسسات العميقة، والذهنيات القديمة، والضغوط العالمية لا تزال حاضرة.
فما الذي تحقق؟ وما التحديات المتبقية؟ وما الآفاق أمام دولة تملك كل مقومات النهوض؟
🧭 التحول السياسي: ما تحقق وما لم يتحقق
🗳️ الانتخابات الرئاسية (2019):
-
أُجريت في ظل انقسام شعبي واسع.
-
فاز عبد المجيد تبون بنسبة تفوق 58%.
-
واجهت الانتخابات نسبة مشاركة ضعيفة وشكوك حول التمثيل الشعبي.
📜 الدستور الجديد (2020):
-
عُرض على الاستفتاء وتمت المصادقة عليه.
-
نصّ على:
-
تحديد العهدات الرئاسية بعهدتين.
-
تعزيز الحريات الفردية (نظريًا).
-
توسيع صلاحيات البرلمان.
-
لكن نسبة المشاركة في الاستفتاء كانت الأدنى في تاريخ الجزائر (~23%)، مما أظهر فجوة عميقة بين السلطة والشعب.
⚙️ الإصلاح الاقتصادي: بين الطموح والواقع
💡 الرهانات الكبرى:
-
تنويع الاقتصاد خارج قطاع المحروقات.
-
جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
-
رقمنة الإدارة ومحاربة البيروقراطية.
-
دعم المقاولات الناشئة (Startups).
💰 العقبات:
-
اعتماد مفرط على النفط والغاز (أكثر من 90% من الصادرات).
-
بيئة استثمارية غير مستقرة قانونيًا.
-
فساد إداري ومالي مستمر في بعض القطاعات.
-
ضعف التصنيع وغياب قاعدة إنتاج قوية.
📉 أزمات متلاحقة:
-
جائحة كورونا زادت الوضع الاقتصادي تأزمًا.
-
التضخم وارتفاع أسعار المواد الأساسية.
-
نقص السيولة النقدية في فترات عديدة.
👥 المجتمع الجزائري: وعي متزايد، وشباب في مفترق الطرق
🎓 الشباب والتعليم:
-
نسبة عالية من الشباب الجامعي، لكن يعاني من:
-
بطالة مرتفعة (خصوصًا بين خريجي الجامعات).
-
ضعف التكوين المهني الفعّال.
-
غياب آليات احتواء الكفاءات داخل الوطن.
-
🧠 هجرة الأدمغة و"الحرڨة":
-
آلاف الشباب يهاجرون سنويًا، بحثًا عن فرص وحياة كريمة.
-
حتى الكفاءات العلمية والطبية تغادر بسبب ظروف العمل أو التضييق الإداري.
📰 حرية التعبير والإعلام: بين الانفراج والرقابة
🟡 واقع الإعلام:
-
لا تزال وسائل الإعلام الرسمية خاضعة لتوجيهات الدولة.
-
بعض المنابر الحرة واجهت إغلاقًا أو تضييقًا.
🔒 الاعتقالات:
-
اعتقال نشطاء وصحفيين بدعاوى "المساس بالأمن" أو "التحريض".
-
جمعيات حقوقية محلية ودولية أعربت عن قلقها من تراجع الحريات.
ومع ذلك، يواصل الشباب والنشطاء استغلال الفضاءات الرقمية للتعبير والنقد، مما جعل الإنترنت ميدانًا بديلًا للنقاش السياسي.
🌍 السياسة الخارجية: ثوابت جديدة على أسس قديمة
🇵🇸 موقف تقليدي من فلسطين:
-
الجزائر تؤكد دعمها المطلق للقضية الفلسطينية، وترفض التطبيع مع الاحتلال.
🇳🇪 الأزمة في الساحل:
-
الجزائر تتخذ موقفًا متزنًا من الأزمات في النيجر ومالي.
-
ترفض التدخل العسكري الأجنبي في المنطقة.
🛡️ عودة الحضور الإقليمي:
-
تعزيز العلاقات مع دول الساحل، والوساطة في أزمات ليبيا ومالي.
-
الانفتاح الدبلوماسي على الصين وروسيا وحتى دول الخليج.
🔮 الخاتمة: جزائر الغد... مسؤولية الجميع
الجزائر اليوم تقف على مفترق طرق:
-
دولة تمتلك تاريخًا ثوريًا مجيدًا، وثروات هائلة، وموقعًا جيوسياسيًا استراتيجيًا.
-
لكن تعيش في ظل تحديات داخلية صعبة تتطلب إرادة سياسية صادقة، ومشاركة مجتمعية فعلية، وتجديدًا للنخب.
-
الشعب الجزائري، وخاصة شبابه، لم يفقد الأمل، ولا يزال ينشد "الجزائر الجديدة" التي حلم بها أجداده في الجبال، وصرخ بها أحفاده في الساحات.
مستقبل الجزائر ليس مسألة "زمن" بل مسألة قرار… والقرار بيد أبنائها.
📚 المراجع المقترحة:
-
الجزائر بعد بوتفليقة – رشيد تلمساني
-
تقارير البنك الدولي وصندوق النقد عن الاقتصاد الجزائري (2019–2023)
-
تقارير مراسلون بلا حدود والعفو الدولية
-
أرشيف الحراك الشعبي الجزائري (2019–2022)
-
بيانات الرئاسة الجزائرية ومراسيم الدستور