سلسلة مقالات حول التاريخ الجزائري المجيد :
المقال 1: الممالك النوميدية – الجزائر في فجر التاريخ
🏛️ مقدمة: على أطراف المتوسط... ولدت دولة
في عمق الشمال الإفريقي، وقبل أن تُخطّ خرائط الإمبراطوريات، وُجدت مملكة أمازيغية قاومت الغزاة وشكّلت تحالفات، فسطعت على مسرح التاريخ القديم. إنها نوميديا، الدولة التي قال عنها المؤرخ الروماني سالوست:
"كانت نوميديا تملك رجالًا لا يُقهرون، وتضاريس تحرسها الجبال والرمال."
👑 ماسينيسا (238–148 ق.م): ملك الوحدة والدهاء السياسي
ماسينيسا، المؤسس الفعلي للدولة النوميدية، وُلد أميرًا، لكنه مات ملكًا موحدًا.
في البداية، قاتل إلى جانب قرطاج ضد روما، لكن في لحظة فارقة من الحرب البونية الثانية، انقلب على قرطاج وتحالف مع روما، ما جعله يحظى بدعم قوي لبناء مملكة قوية.
بعد الانتصار في معركة زاما عام 202 ق.م، ثبّت حكمه على نوميديا الموحدة، وجعل من سيرتا (قسنطينة حاليًا) عاصمة حضارية مزدهرة.
🛖 إصلاحاته:
-
إدخال الزراعة المنهجية وتنظيم استغلال الأراضي.
-
تطوير شبكة توزيع المياه.
-
استخدام الخيول في التنظيم العسكري.
⚔️ يوغرتن (118–105 ق.م): الملك الذي أرعب روما
خلف يوغرتن جده ماسينيسا، لكنه لم يرث فقط العرش... بل ورث أيضًا طموحه الجامح.
اغتال خصومه واستولى على الحكم منفردًا، مما دفع روما إلى التدخل.
دامت الحرب بين يوغرتن وروما أكثر من 7 سنوات، هزم خلالها قادة رومانيين كبار، وكان قاب قوسين من الانتصار لولا خيانة أحد حلفائه.
أُسر يوغرتن وسُجن في روما حيث مات عام 104 ق.م، لكن اسمه بقي رمزًا للمقاومة الأولى ضد الإمبراطورية الرومانية.
🏺 نوميديا: مملكة بمواصفات حضارية
-
استخدمت النقود الخاصة بها.
-
طوّرت الكتابة الليبية (تيفيناغ).
-
أقامت علاقات دبلوماسية وتجارية مع روما، قرطاج، والممالك الإفريقية الأخرى.
📌 معلومة جانبية: آثار ملوك نوميديا لا تزال ظاهرة حتى اليوم في مناطق مثل تيبازة، قسنطينة، وموقع "مداوروش".
🧭 خاتمة: أول مملكة... وأول درس في السيادة
نوميديا لم تكن مجرد مملكة في التاريخ القديم، بل كانت نقطة انطلاق للوعي السياسي الأمازيغي، ورسخت فكرة الدولة في شمال إفريقيا.
تركت وراءها ملوكًا، معارك، ومدنًا... لكن الأهم: تركت إرثًا من السيادة قاوم كل من حاول طمسه.
📚 المصادر المقترحة:
-
"يوغرتن" – سالوست.
-
كتابات بوليبيوس عن ماسينيسا.
-
Histoire de l'Afrique du Nord – Charles-André Julien.
-
دراسات حديثة من جامعة الجزائر وCNRS